جلست فوق ضخرة كبيرة على شاطئ البحر , والحزن بادٍ على محياها , تسترجع ذكريات الطفولة السعيدة أين ولدت وكيف عاشت طفولتها ,
تذكرت حكاية أُمها لها عن يوم لادتها.
: ( كان صباح يوم جميل إلا ان المخاض عكره قليلا , فأسرعوا بي للمشفى وهناك خرجتِ للحياة , كنتِ كالبدر ينير الدنيا , كنتِ هادئة نادرا ما تبكين ).
تنهدت الفتاة للذكرى وأكملت استرجاع ذكرياتها الجميله في بيت جدتها الذي يقبع بجانب البحر , ما أجملك يا بحر أعشقك من أيام طفولتي وإلى الآن ,
أُحِب نسيـمك الذي يتخلل شعري ورائحتك التي تتخلل أعماق رئتي وأوصالي وصوت موجك المنبعث كاللحن الجميل إلى مسامعي, أحب اللعب فوق
رمالك البيضاء, والبحث عن أصدافك هنا وهناك , كانت تحب أن تجمع الأشياء الجميله التي يلقي بها البحر من جوفه العميق , تستيقظ فجرا لكي لا
يفوتها شروق الشمس , وتبقى هناك الى ان يحين موعد الغروب لم يفوتها شروق أو غروب يوما , لم يكن يهمها أن تأكل كان جل إهتمامها اللعب
, فتأتي لها أُمها بالطعام وتجبرها عليه , فتأكل الفتاة قليلا ثم تذهب للعب ,كانت تبني بيوت من الرمال وتتفنن بتصميمها , تحب الوحدة والعزله منذ
صغر سنها , إلا ان اطفال الحي لا يعجبهم ذلك , فيخربون عليها عزلتها , ويهدمون قصور الرمال التي بنتها , تبكي الفتاة حزنا على ما فعلوا ,
فيرحلوا و كأن شيئا لم يحدث , فتعود إلى البناء وكلها عزيمه إصرار وعدم تخاذل , وبقي الحال هكذا إلى أن عاد أبوها ذات يوم , وصدمها بقراره
المفاجئ , وهو أنهم سينتقلون من هذه المنطقة وسيرحلون إلى منطقة أخرى لا بحر فيها , حزنت الفتاة كثيرا لأن هذه المنطقه والبحر بالذات
لهم مكانة كبيره في قلبها الصغير , بعد سماعها بالخبر , خرجت راكضة .., ذهبت إلى البحر ودموع الحزن تنسال على وجنتيها ,
صرخت بأعلى صوتها لااااااااااااا ....................., سمعها من يسمع ومن لا يسمع , وجلست فوق صخرة كبيره هناك , تبكي وتفكر كيف
ستفارق هذا البحر وهي التي لم تفارقه منذ نعومة أظافرها .
جاء اليوم الموعود جهزت لها أُمها جميع ما تملك من حاجيات لأنها عندت ولا تريد أن تفعل أي شيئ , كانت تبقى طوال الوقت على شاطئ البحر
تودعه الوداع الأخير , وتسترسل بالحديث معه وتحكي له ما لم بها من حزن ,وتقول له أنها لن تنساه أبدا وإنها ستعود إليه يوما , رحلت الفتاة مع
والديها من تلك المنطقة وبقي البحر وحيدا وهي هناك وحيدة لا أحد يؤنس صحبتها , كان تفكيرها دائما هناك ودموعها لم تتوقف لحظه منذ يوم فراقه .
كبرت الفتاة ودرست وتعلمت وأنهت تعليمها , ونالت أعلى الدرجات وبتوفق ملحوظ , فرح والديها كثيرا لها , وأهدوها الكثير من الهدايا ,
وذات يوم إلتقت بشاب أحبها وأحبته إلى حد الجنون , كانوا لا يفترقون أبدا , جاء لخطبتها من والديها , وافقوا وفرحوا لإبنتهم كثيرا ,
وبقيت هكذا إلى ان جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي فرق بينها وبينه , كان خطيبها يحب السرعه وذات يوم تسابق مع أحد رفاقه , ووافته المنية.
رحل ؟؟ نعم رحل من كان يسليها ويفرح أيامها , حزنت كثيرا وبكت أكثر , وأحست أن روحها ذهبت معه , كرهت كل شيئ , ولم تستطع نسيانه أبدا
وبقيت على حزنها هذا كثيرا , وذات يوم قررت أن ترجع إلى مكانها الأصلي وترجع لبحرها الهدار وتخبره عن أيامها وشهورها وسنين عمرها التي
قضتها بعيدا عنه , جهزت كل ما يلزمها للسفر , ورحلت والحزن يقطع قلبها وبعض الفرح لأنها ستعود إليه حبيها الأول إلى صديق طفولتها
الذي لن يخونها يوما ويرحل ويتركها وحيدة , أوقفت السيارة ونزلت منها , فترقرت دموعها حزنا وشوقا وألما , وأقتربت من الصخره و ......
إنتهت